الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا مَلِيحُ بْنُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ عُرْوَةِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ الَّذِينَ يَقْطَعُونَ كَأَنَّهُ يَعْنِي السِّدْرَ يُصَبُّونَ فِي النَّارِ عَلَى رُءُوسِهِمْ صَبًّا. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيِّ أَبُو مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ يَعْنِي: الْخُوزِيَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ شَيْخًا مِنْ ثَقِيفٍ قَدْ أَفْسَدَ السِّدْرُ زَرْعَهُ فَقُلْت: أَلاَ تَقْطَعُهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِلاَّ مِنْ زَرْعٍ قَالَ: أَنَا سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ قَطَعَ سِدْرًا إِلاَّ مِنْ زَرْعٍ صَبَّ اللَّهُ عَلَيْهِ الْعَذَابَ صَبًّا فَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَقْطَعَهُ مِنْ الزَّرْعِ, وَمِنْ غَيْرِهِ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا يَمْنَعُ مِنْ قَطْعِ السِّدْرِ كُلِّهِ, وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْهُمَا اسْتِثْنَاءُ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ. فَتَأَمَّلْنَا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ, وَمَا هُمَا عَلَيْهِ مِنْ صِحَّةٍ فِي أَسَانِيدِهِمَا وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ فَوَجَدْنَا رَوْحَ بْنَ الْفَرَجِ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ بِهِ قَالَ مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَبَّ اللَّهُ عَلَيْهِ الْعَذَابَ صَبًّا. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إيقَافُهُ عَلَى عُرْوَةَ بِغَيْرِ تَجَاوُزٍ بِهِ إيَّاهُ إلَى عَائِشَةَ وَلاَ إلَى مَنْ سِوَاهَا مِمَّنْ ذَكَرَ فِي الْحَدِيثَيْنِ الأَوَّلَيْنِ وَفِيهِ أَيْضًا شَيْءٌ ذَكَرَهُ لَنَا رَوْحٌ قَالَ: سَمِعْت حَامِدًا يَقُولُ: ذَكَرْت هَذَا الْحَدِيثَ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ: ذَهَبْت إلَى عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ لِي: اذْهَبْ إلَى عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ فَإِنَّهُ يُحَدِّثُ بِهِ فَذَهَبْت إلَى عُثْمَانَ فَحَدَّثَنِي فِيهِ بِحَدِيثَيْنِ اخْتَلَطَ عَلَيَّ إسْنَادُهُمَا قَالَ: سُفْيَانُ فَسَأَلْت هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ عَنْ قَطْعِ السِّدْرِ فَقَالَ: هَذِهِ الأَبْوَابُ مِنْ سِدْرَةٍ كَانَتْ لأَبِي قَطَعَهَا فَجَعَلَ مِنْهَا هَذِهِ الأَبْوَابَ. فَفِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ سُؤَالِهِ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْهُ, أَعْنِي عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ وَجَوَابُهُ فِيهِ بِمَا أَجَابَهُ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا فِيهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ الأَوَّلَيْنِ إنْ كَانَا صَحِيحَيْنِ فَقَدْ كَانَ لَحِقَهُمَا نَسْخٌ عَادَ بِهِ مَا كَانَ فِيهِمَا مِنْ نَهْيٍ إلَى الإِبَاحَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ النَّهْيِ; لأَنَّ عُرْوَةَ مَعَ عَدْلِهِ وَعِلْمِهِ وَجَلاَلَةِ مَنْزِلَتِهِ فِي الْعِلْمِ لاَ يَدَعُ شَيْئًا قَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى ضِدِّهِ إِلاَّ لِمَا يُوجِبُ ذَلِكَ لَهُ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا نَسْخُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَعَ مَا قَدْ دَخَلَ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ مِنْهُمَا مِنْ خِلاَفِ ابْنِ جُرَيْجٍ رَاوِيهِ وَهُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ وَإِيقَافِهِ عَلَى عُرْوَةَ وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ بَلْ أَهْلُ الإِسْنَادِ يُضَعِّفُونَ رِوَايَتَهُ فِي هَذَا, وَفِي غَيْرِهِ. مَعَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ هَذَا قَدْ كَانَ اضْطَرَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً هَكَذَا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ وَ مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ أَيْضًا فِي إبَاحَةِ قَطْعِ السِّدْرِ. مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُد الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: مُحَمَّدٌ يَعْنِي الْخُرَيْبِيَّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ السِّدْرَ يَجْعَلُهُ أَبْوَابًا وَمِمَّنْ قَدْ خَالَفَ إبْرَاهِيمَ بْنَ يَزِيدَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ فَرَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ سَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ مَنْ قَطَعَ السِّدْرَ صَبَّ اللَّهُ الْعَذَابَ عَلَيْهِ صَبًّا فَهَذَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَدْ خَالَفَ إبْرَاهِيمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَدَّهُ إلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ فَوْقَ إبْرَاهِيمَ هَذَا وَدُونَ ابْنِ جُرَيْجٍ فَأَمَّا حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الَّذِي ذَكَرَهُ سُفْيَانُ فَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبَشِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَأْسِهِ الْعَذَابَ صَبًّا. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبَشِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ فَاخْتَلَفَ إبْرَاهِيمُ, وَأَبُو أُمَيَّةَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي اُخْتُلِفَا فِيهِ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ وَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ هُوَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ اضْطِرَابَ رُوَاتِهِ غَيْرَ أَنَّ الصَّوَابَ فِيهِ مَا رَوَاهُ أَبُو أُمَيَّةَ فِيهِ لِمُوَافَقَةِ غَيْرِ أَبِي عَاصِمٍ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ كَمَا حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ: أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبَشِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الْمُخْتَلَفَ فِي اسْمِهِ لَيْسَ مِنْ الْمَشْهُورِينَ بِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ ذِكْرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَمِثْلُ هَذَا لاَ يَقُومُ بِمَنْ هَذِهِ سَبِيلُهُ, ثُمَّ حَدِيثُهُ هَذَا قَدْ ذَكَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبَشِيٍّ وَيَبْعُدُ مِنْ الْقُلُوبِ أَنْ يَكُونَ لَقِيَهُ; لأَنَّا لَمْ نَجِدْ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبَشِيٍّ إِلاَّ عَنْ مَنْ سِنُّهُ فَوْقَ سِنِّ هَذَا الرَّجُلِ وَهُوَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَرَ وَحَدِيثُهُ عَنْهُ فِي أَفْضَلِ الصَّلاَةِ أَنَّهَا طُولُ الْقُنُوتِ وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ, وَيَأْمُرُ بِالْعَمَلِ بِضِدِّهِ. كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ: سَمِعْت سُفْيَانَ بْنَ سَعِيدٍ وَسُئِلَ عَنْ قَطْعِ السِّدْرِ فَقَالَ قَدْ سَمِعْنَا فِيهِ بِحَدِيثٍ لاَ نَدْرِي الَّذِي جَاءَ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ, عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: قُمْ يَا عَلِيُّ فَآذِنْ النَّاسَ: لَعَنَ اللَّهُ قَاطِعَ السِّدْرِ وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يُولَدْ فِي زَمِنِهِ فَفِي تَوْهِينِ سُفْيَانَ إيَّاهُ مَا يَسْقُطُ بِهِ مِثْلُهُ مَعَ أَنَّ سَائِرَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمْ الْفُتْيَا عَلَى إبَاحَةِ قَطْعِهِ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الأَوْلَى فِيهِ إبَاحَةُ قَطْعِهِ لاَ الْمَنْعُ مِنْهُ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الأَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بْنُ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ. فَذَكَرْت هَذَا الْحَدِيثَ لأَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مَعْنًى صَحِيحٌ. وَالْبُلْهُ الْمُرَادُونَ فِيهِ هُمْ الْبُلْهُ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ، تَعَالَى، لاَ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ بِهِ نَقْصُ الْعَقْلِ بِالْبَلَهِ, وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنْ الإِيمَانِ وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ يَعْنِي: أَبَا غَسَّانَ, ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْهُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُبُّك الشَّيْءَ يُعْمِي, وَيُصِمُّ وَسَنَأْتِي بِهِ فِيمَا بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، تَعَالَى،. وَمِنْهُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عُمَارَةَ وَهُوَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ: سَلُونِي فَهَابُوهُ أَنْ يَسْأَلُوهُ فَجَاءَ رَجُلٌ, فَجَلَسَ عِنْدَ رُكْبَتِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: أَلَّا تُشْرِكَ بِاَللَّهِ شَيْئًا, وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ, وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ, وَتَصُومَ رَمَضَانَ قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكِتَابِهِ وَلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ, وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ, وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ قَالَ: صَدَقْت قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ فَمَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: أَنْ تَخْشَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ وَسَأُحَدِّثُكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا إذَا رَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَلِدُ رَبَّتَهَا فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْبُكْمَ الصُّمَّ مُلُوكَ الأَرْضِ فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَإِذَا رَأَيْتَ رِعَاءَ الْغَنَمِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا فِي خَمْسَةٍ مِنْ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ, ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْبُكْمَ الصُّمَّ مُلُوكَ الأَرْضِ فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا لَيْسَ يَعْنِي بِذَلِكَ الْبُكْمَ الْمُتَعَارَفَ وَلاَ الصُّمَّ الْمُتَعَارَفَ, وَلَكِنْ يَعْنِي بِالْبُكْمِ عَنْ الْقَوْلِ الْمَحْمُودِ وَيَعْنِي بِالصُّمِّ الصُّمَّ عَنْ الْقَوْلِ الْمَحْمُودِ وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْهُ مَا قَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا هَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ وَالْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ وَالسَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعْفَةِ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ أَفْهَامَهُمْ الَّتِي يُفْهَمُ بِهَا هَذِهِ الأَشْيَاءُ, وَيُوقَفُ عَلَى مَقَادِيرِهَا مَشْغُولَةٌ بِمَا قَدْ غَلَبَ عَلَيْهَا مِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ مَقَادِيرَ تِلْكَ الأَشْيَاءِ, فَيَرَوْنَ بِذَلِكَ أَنَّهَا قَدْ نَقَصَتْ عَنْ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ حُدُوثِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ بِأَفْهَامِهِمْ, وَلَيْسَ الأَمْرُ فِيهَا كَذَلِكَ, وَلَكِنَّهَا بِحَالِهَا فِي مَقَادِيرِهَا عَلَى مَا كَانُوا يَعْرِفُونَهَا بِهِ فِيمَا قَبْلُ, وَكَانَ مَا غَيَّرَهَا عِنْدَهُمْ وَنَقَّصَ مَقَادِيرَهَا فِي ظُنُونِهِمْ شَغْلَ أَفْهَامِهِمْ بِغَيْرِهَا حَتَّى ظَنُّوا مَا ظَنُّوا مِمَّا الأَمْرُ فِي الْحَقِيقَةِ بِحَالِهِ وَعَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَبُو سِنَانٍ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ أَوْ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ أَبُو جَعْفَرٍ شَكَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلَتْ أَبَا سِنَانٍ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ, ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: هَذَا عَلَى التَّشَاغُلِ بِاللَّذَّاتِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ حَسَنٌ, وَهُوَ يُوَافِقُ مَا ذَكَرْنَا مِمَّا تَأَوَّلْنَا عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهَ، سُبْحَانَهُ، نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ; لأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسُ عَلَى الرُّومِ; لأَنَّهُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ لأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّهُمْ سَيُهْزَمُونَ فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ فَقَالُوا: اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ أَجَلاً فَإِنْ ظَهَرُوا كَانَ لَك كَذَا وَكَذَا وَإِنْ ظَهَرْنَا, كَانَ لَكَ كَذَا وَكَذَا, فَجَعَلَ بَيْنَهُمْ أَجَلاً خَمْسَ سِنِينَ فَلَمْ يَظْهَرُوا فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَلاَ جَعَلْتَهُ دُونَ الْبِضْعِ قَالَ: دُونَ الْعَشَرَةِ. قَالَ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْبِضْعُ مَا دُونَ الْعَشْرِ قَالَ: فَظَهَرَتْ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَفِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إسْقَاطُ سُفْيَانَ بَيْنَ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ وَبَيْنَ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَبِي أُمَيَّةَ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنِّي غَيْرَ أَنَّ مَا عَقَّبَ بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ: سُفْيَانُ سَمِعْت أَنَّهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ يَدُلُّ أَنَّ بَيْنَ أَبِي إِسْحَاقَ وَبَيْنَ حَبِيبٍ فِي إسْنَادِهِ سُفْيَانَ. وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشِّيرَازِيُّ قَالاَ: ثنا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما, ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَتَحَقَّقْنَا بِذَلِكَ دُخُولَ سُفْيَانَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ بَيْنَ أَبِي إِسْحَاقَ وَبَيْنَ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ. وَوَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ الم غُلِبَتْ الرُّومُ لَقِيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه رِجَالاً مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لَهُمْ: إنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ سَيَغْلِبُونَ عَلَى فَارِسَ قَالُوا: فِي كَمْ؟ قَالَ: فِي بِضْعِ سِنِينَ قَالَ: ثُمَّ خَاطَرُوا بَيْنَهُمْ خُطُرًا, وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُحَرَّمَ الْقِمَارُ عَلَيْهِمْ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا دُونَ الْعَشْرِ مِنْ الْبِضْعِ فَكَانَ ظُهُورُ فَارِسٍ عَلَى الرُّومِ لِسَبْعِ سِنِينَ, ثُمَّ أَظْهَرَ اللَّهُ الرُّومَ عَلَى فَارِسَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِظُهُورِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَانَ ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ كَلاَمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَإِنَّ مَا دُونَ الْعَشْرِ مِنْ الْبِضْعِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ نِهَايَةَ الْبِضْعِ دُونَ الْعَشْرِ, وَاحْتَجْنَا إلَى الْوُقُوفِ عَلَى مِقْدَارِ قَلِيلِ الْبِضْعِ مَا هُوَ. فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ الم غُلِبَتْ الرُّومُ نَاحَبَ أَبُو بَكْرٍ قُرَيْشًا فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَلَّا احْتَطْت, فَإِنَّ الْبِضْعَ مَا بَيْنَ الثَّلاَثِ إلَى التِّسْعِ. وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلاَلٍ الْبَصْرِيُّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ عَثْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَبِي بَكْرٍ فِي مُنَاحَبَتِهِ الم غُلِبَتْ الرُّومُ أَلاَ احْتَطْت يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ الْبِضْعَ مَا بَيْنَ الثَّلاَثِ إلَى التِّسْعِ. حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ نِيَارِ بْنِ مُكْرَمٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ كَلاَمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِإِنَّ الْبِضْعَ مَا بَيْنَ الثَّلاَثِ إلَى التِّسْعِ وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْهُمَا مِنْ كَلاَمِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه: " الْبِضْعُ مَا بَيْنَ الثَّلاَثِ إلَى التِّسْعِ " فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْبِضْعَ مِنْ الثَّلاَثِ لاَ أَقَلَّ مِنْهَا إلَى التِّسْعِ لاَ أَكْثَرَ مِنْهُ, وَلَمْ نَجِدْ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم, وَلاَ عَنْ أَصْحَابِهِ غَيْرَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ, وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ حَدِيثَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ, وَأَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ مِنْ ذِكْرِ قَلِيلِ الْبِضْعِ قَدْ دَلَّنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ عَنْ نُعَيْمٍ فَإِنَّ مَا دُونَ الْعَشْرِ مِنْ الْبِضْعِ يُرَادُ بِهِ مِمَّا هُوَ ثَلاَثٌ إلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا إلَى التِّسْعِ حَتَّى تَصِحَّ هَذِهِ الآثَارُ, وَلاَ تُضَادُّ بَعْضُهَا بَعْضًا, ثُمَّ طَلَبْنَا الْبِضْعَ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ مَا هُوَ فَوَجَدْنَا وَلَّادًا النَّحْوِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَصَادِرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: الْبِضْعُ مَا بَيْنَ الْوَاحِدِ إلَى الأَرْبَعَةِ وَوَجَدْنَا الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ قَدْ خَالَفُوهُ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا:: الْبِضْعُ مِنْ الْعَدَدِ مَا بَيْنَ الثَّلاَثِ إلَى الْعَشَرَةِ قَالُوا جَمِيعًا: إنَّ التَّأْنِيثَ وَالتَّذْكِيرَ يَدْخُلاَنِ فِي الْبِضْعَ فَأَمَّا فِي التَّأْنِيثِ فَمِنْهُ قَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ، سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ جَمِيعًا قَالاَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ جَارِيَةً لِآلِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لَهُمْ فَخَافَتْ عَلَى شَاةٍ مِنْهَا أَنْ تَمُوتَ فَأَخَذَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ, عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لَهُمْ فَأَرَادَتْ شَاةٌ مِنْهَا أَنْ تَمُوتَ فَذَكَّتْهَا بِمَرْوَةِ فَسَأَلَ كَعْبٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إطْلاَقُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَكْلَ شَاتِهِ الَّتِي ذَبَحَتْهَا جَارِيَةٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْحُكْمَ فِيمَا ذَبَحَهُ رَجُلٌ مِنْ الأَنْعَامِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ أَنَّ ذَلِكَ ذَكَاةً لَهُ. فَقَالَ قَائِلٌ: هَذَا حَدِيثٌ مُضْطَرِبُ الإِسْنَادِ لَمْ يَرْوِهِ كَمَا ذَكَرْتَ عَنْ نَافِعٍ إِلاَّ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَصَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ فَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمَا مِنْ رُوَاةِ نَافِعٍ فَرَوَوْهُ عَنْ نَافِعٍ بِخِلاَفِ هَذَا الإِسْنَادِ مِنْ الأَسَانِيدِ الَّتِي لاَ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِأَمْثَالِهَا. وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَقَتَادَةَ وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ مَمْلُوكَةٍ ذَبَحَتْ شَاةً بِمَرْوَةِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْكُلَهَا. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدِ أَوْ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِسَلْعٍ فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا فَأَدْرَكَتْهَا فَذَبَحَتْهَا بِحَجَرٍ وَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهَا فَكُلُوهَا. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ سَمِعْت رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ أَنَّ أَمَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِسَلْعٍ فَعَرِضَ لِشَاةٍ مِنْهَا فَخَشِيَتْ عَلَيْهَا أَنْ تَمُوتَ فَذَبَحَتْهَا بِمَرْوَةِ فَأَتَتْ بِهَا أَهْلَهَا فَسَأَلَ كَعْبٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: كُلُوهَا. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ: أَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ: سَمِعَ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ يُخْبِرُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ, ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ سَمِعْت رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ أَنَّ جَارِيَةً لِآلِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ, ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ يُخْبِرُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ, ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَكَانَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ قَدْ رَجَعَ إلَى ثَمَانِيَةٍ يَرْوُونَهُ عَنْ نَافِعٍ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الأَسَانِيدِ الَّتِي لاَ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِأَمْثَالِهَا, وَيُخَالِفُونَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ وَصَخْرَ بْنَ جُوَيْرِيَةَ فِيمَا رَوَيَاهُ عَنْ نَافِعٍ عَلَيْهِ, وَثَمَانِيَةٌ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ اثْنَيْنِ. قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَهَلْ تَجِدُ فِي هَذِهِ السُّنَّةِ أَصْلاً عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْنَادٍ مَقْبُولٍ يُوجِبُ مَا تَذْهَبُونَ إلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حِلِّ هَذِهِ الْمَذْبُوحَةِ بِغَيْرِ أَمْرِ مَالِكِهَا, وَإِلَّا فَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَمْنَعُ مِنْ أَكْلِ مِثْلِهَا. فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: أَصَابَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَنَمًا فَانْتَهَبُوهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ تَصْلُحُ النُّهْبَةُ, وَأَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي وَغَيْرُهُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: أَصَبْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ غَنَمًا فَانْتَهَبْنَاهَا فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقُدُورُهُمْ تَغْلِي فَقَالُوا: إنَّهَا نُهْبَةٌ فَقَالَ: أَكْفِئُوا الْقُدُورَ وَمَا فِيهَا فَإِنَّ النُّهْبَةَ لاَ تَحِلُّ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الذُّهْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْت فَتْحَ خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا هَزَمْنَاهُمْ وَقَعْنَا فِي رِحَالِهِمْ فَأَخَذْنَا مَا كَانَ فِيهَا مِنْ حِرْزٍ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ فَارَتْ الْقُدُورُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ. قَالَ: فَفِي هَذِهِ الآثَارِ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ بِمَا فِيهَا مِنْ اللَّحْمِ إذْ كَانَتْ نُهْبَةً فَفِي ذَلِكَ مَا دَلَّ أَنَّ مَا ذُبِحَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ لاَ يَكُونُ ذَكِيًّا, وَلاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الآثَارَ الَّتِي ابْتَدَأْنَا بِذِكْرِهَا فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ قَدْ دَخَلَ أَسَانِيدَهَا مِنْ الاِضْطِرَابِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهَا, وَأَنَّ الآثَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْهُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ بِاللَّحْمِ الَّذِي كَانَ فِيهَا مِنْ الْغَنَمِ إذْ كَانَتْ نُهْبَةً فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لاَ; لأَنَّهُ كَانَ حَرَامًا بِالنُّهْبَةِ, وَلَكِنْ كَانَ عُقُوبَةً لِلْمُنْتَهِبِينَ; لأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي وَقْتٍ كَانَتْ الْعُقُوبَاتُ عَلَى الذُّنُوبِ تَكُونُ فِي أَمْوَالِ الْمُذْنِبِينَ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمَنْ لاَ فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا شَيْءٌ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعٍ هُوَ أَوْلَى مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، تَعَالَى،. فَأَمَّا مَا سَأَلْت عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَهَلْ جَاءَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ غَيْرِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَاهُ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ تِلْكَ الْوُجُوهِ مِمَّا لاَ مَطْعَنَ فِيهِ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ مُوَطَّأِ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنَا فِيهِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ بِحَدِيثِ نَافِعٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ الَّذِي أَخْبَرَ فِي جَارِيَةٍ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ, وَمِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم آلَ كَعْبٍ بِأَكْلِهَا وَإِخْبَارِهِ إيَّاهُمْ أَنْ لاَ بَأْسَ بِهَا فَقَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ اللَّيْثِيَّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا فَلَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ فِيهِ إطْلاَقُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِآلِ كَعْبٍ أَكْلَ هَذِهِ الشَّاةِ, وَإِنْ كَانَتْ ذُبِحَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا حَدِيثٌ آخَرُ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّاةِ الَّتِي ذُبِحَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ مَالِكِهَا وَشُوِيَتْ وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إطْعَامَهَا الآُسَارَى وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إطْلاَقِ أَكْلِ لَحْمِ مِثْلِ هَذِهِ, وَإِنْ كَانَتْ قَدْ ذُكِّيَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ مَالِكِهَا مَعَ قَوْلِ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ جَمِيعًا بِمَا قَدْ وَافَقَ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ, وَخَالَفَ مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ وَاَللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَسِبْتُهُ مِنْ الأَنْصَارِ،. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: سَقَطَ فِي كِتَابِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ لاَ أَعْرِفُ اسْمَهُ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ فَلَقِيَهُ رَسُولُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ يَدْعُوهُ إلَى طَعَامٍ, فَجَلَسْنَا مَجْلِسَ الْغِلْمَانِ مِنْ آبَائِهِمْ فَفَطِنَ آبَاؤُنَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي يَدِهِ أَكْلَةٌ فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الشَّاةَ تُخْبِرُنِي أَنَّهَا أُخِذَتْ بِغَيْرِ حِلِّهَا فَقَامَتْ الْمَرْأَةُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ: لَمْ يَزَلْ يُعْجِبُنِي أَنْ تَأْكُلَ فِي بَيْتِي وَإِنِّي أَرْسَلْتُ إلَى النَّقِيعِ فَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ شَاةٌ وَكَانَ أَخِي اشْتَرَى شَاةً بِالأَمْسِ فَأَرْسَلَهَا بِهَا إلَى أَهْلِهِ بِالثَّمَنِ فَقَالَ: أَطْعِمُوهَا الآُسَارَى. وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ, ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِعَيْنِهَا فِي كَلاَمٍ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا الْكَلاَمِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِإِطْعَامِ الشَّاةِ الآُسَارَى, وَهُمْ مِمَّنْ تَجُوزُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ بِمِثْلِهَا, وَلَمْ يَأْمُرْ بِحَبْسِهَا لِلَّذِي ذُبِحَتْ وَهِيَ عَلَى مِلْكِهِ لِيَأْخُذَهَا, وَهِيَ كَذَلِكَ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ارْتِفَاعِ مِلْكِهِ عَنْهَا, وَعَلَى وُقُوعِ مِلْكِ مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا مَا أَحْدَثَ مِنْ الذَّبْحِ وَالشَّيِّ عَلَيْهَا كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ, وَأَصْحَابُهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُعَتِّبٍ أَنَّ أَبَا حَسَنٍ مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اسْتَفْتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ مَمْلُوكٍ كَانَتْ تَحْتَهُ مَمْلُوكَةٌ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ فَبَانَتْ مِنْهُ, ثُمَّ إنَّهُمَا أُعْتِقَا بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْطُبَهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ وَقَضَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَعَمَ ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي إسْنَادِهِ لِنَعْلَمَ هَلْ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا الَّذِي دَارَ عَلَيْهِ مِمَّنْ يُؤْخَذُ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مِثْلِهِ؟ فَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَسَنٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ مِنْ أَرْضَى مَوَالِي قُرَيْشٍ, وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلاَحِ مِنْهُمْ أَنَّهُ سَمِعَ امْرَأَةً لِعَبْدِ اللهِ تَسْتَفْتِيهِ عَنْ غُلاَمٍ لَهَا ابْنِ زِنْيَةٍ فِي رَقَبَةٍ كَانَتْ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَوْفَلٍ: لاَ أَرَاهُ يَقْضِي عَنْك الرَّقَبَةَ الَّتِي عَلَيْك عِتْقُ ابْنِ زِنْيَةٍ قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ, وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ نَوْفَلٍ قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لاََنْ أُحْمَلَ عَلَى بَغْلَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ وَجُلٍّ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ ابْنَ زِنْيَةٍ وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ نَوْفَلٍ مِنْ صُلَحَاءِ الْمُسْلِمِينَ, وَمِنْ ذَوِي عِلْمِهِمْ وَكَانَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ جَعَلَهُ عَلَى الْقَضَاءِ فِي إمَارَتِهِ. فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ هَذَا مِمَّنْ يُؤْخَذُ مِثْلُ هَذَا عَنْهُ, ثُمَّ طَلَبْنَا هَلْ لِعُمَرَ بْنِ مُعَتِّبٍ حَالٌ يُوجِبُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمْ نَجِدْهَا لَهُ فَعَادَ مِمَّنْ لاَ يُحْتَجُّ فِي مِثْلِ هَذَا بِهِ, ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَتْنَ هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَاهُ مُسْتَحِيلاً; لأَنَّ طَلاَقَ ذَلِكَ الْمَمْلُوكِ زَوْجَتَهُ التَّطْلِيقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ طَلَّقَهُمَا إيَّاهَا فِي حَالِ رِقِّهِ وَرِقِّهَا لاَ يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ أَنْ يَكُونَ عَامِلاً, فَيَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ التَّحْرِيمِ لَهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ إذْ التَّطْلِيقَتَانِ تُحَرِّمَانِهَا عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَوْ يَكُونُ غَيْرَ عَامِلٍ; لأَنَّ طَلاَقَ الْمَمْلُوكِ لَيْسَ بِشَيْءٍ عَلَى مَا كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَذْهَبُ إلَيْهِ فِي طَلاَقِ الْمَمَالِيكِ. كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي عَبْدٍ يُزَوِّجُهُ سَيِّدُهُ فَيُطَلِّقُهَا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ, وَتَلاَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ فَذَهَبْت إلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٍ قَالَ: أَنَا مَنْصُورُ يَعْنِي ابْنَ زَاذَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: الأَمْرُ إلَى الْمَوْلَى أَذِنَ لَهُ أَمْ لَمْ يَأْذَنَ لَهُ وَيَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ. وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ غُلاَمًا لاِبْنِ عَبَّاسٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: ارْجِعْهَا لاَ أُمَّ لَك فَإِنَّهُ لَيْسَ لَك مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ فَأَبَى فَقَالَ: هِيَ لَك فَخُذْهَا. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لاِرْتِجَاعِهِ إيَّاهَا مَعْنًى; لأَنَّهَا زَوْجَتُهُ عَلَى حَالِهَا لَمْ يُحَرِّمْهَا ذَلِكَ الطَّلاَقُ عَلَيْهِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي إسْنَادِهِ وَفِي مَتْنِهِ, وَإِنَّهُ مِمَّا لاَ يَجِبُ قَبُولُهُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ, وَلاَ يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. وَوَجَدْنَا يَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُعْتِبٍ عَنْ الْحَسَنِ مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ هَكَذَا قَالَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عَبْدٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ اثْنَتَيْنِ, ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَيَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ نَعَمْ قِيلَ عَمَّنْ؟ قَالَ أَفْتَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُعَتِّبٍ هَكَذَا قَالَ إنَّ مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اسْتَفْتَى ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّهُ اسْتَفْتَاهُ فِي مَمْلُوكٍ كَانَ تَحْتَهُ مَمْلُوكَةٌ, فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً فَبَانَتْ مِنْهُ, ثُمَّ إنَّهُمَا أُعْتِقَا بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْطُبَهَا؟ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي ذَلِكَ, وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئًا. قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ: فَكَتَبْنَاهُ; لأَنَّ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً, وَلِنُوقِفَ بِذَلِكَ عَلَى اضْطِرَابِ هَذَا الْحَدِيثِ, وَأَنْ لاَ يَجُوزَ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ إنْ كَانَ كَذَلِكَ, ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى مَا رُوِيَ فِي طَلاَقِ الْعَبْدِ عَنْ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْنَا عَبْدَ الْغَنِيِّ بْنَ أَبِي عُقَيْلٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه يَنْكِحُ الْعَبْدُ اثْنَتَيْنِ, وَيُطَلِّقُ اثْنَتَيْنِ, وَتَعْتَدُّ الأَمَةُ حَيْضَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحِيضُ فَشَهْرٌ وَنِصْفٌ. حَدَّثَنَا يُونُسَ قَالَ: أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتِبًا لِأُمِّ سَلَمَةَ طَلَّقَ امْرَأَةً حُرَّةً تَطْلِيقَتَيْنِ فَاسْتَفْتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه فَقَالَ: حَرُمَتْ عَلَيْك. حَدَّثَنَا يُونُسَ قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ مُكَاتَبًا كَانَ لِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ عَبْدًا كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ فَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ, ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَأَمَرَهُ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ, فَيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَذَهَبَ إلَيْهِ فَلَقِيَهُ عِنْدَ الدَّرَجِ آخِذًا بِيَدِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَسَأَلَهُمَا فَابْتَدَرَاهُ جَمِيعًا فَقَالاَ حَرُمَتْ عَلَيْك حَرُمَتْ عَلَيْك. وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ وَمَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ, ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ يُونُسُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عُثْمَانَ مِثْلَهُ. وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: أَنَا ابْنُ وَهْبٍ،قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ نُفَيْعًا مُكَاتَبَ أُمِّ سَلَمَةَ, ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ. وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ السُّنَّةُ بِالنِّسَاءِ فِي الطَّلاَقِ وَالْعِدَّةِ. قَالَ: فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذِهِ الآثَارِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهم مَا قَدْ خَالَفَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي ذَلِكَ وَقَدْ وَجَدْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مَا يُخَالِفُ مَا رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ (ح) وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ. وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالُوا: ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَيُّهُمَا رُقَّ نَقَصَ الطَّلاَقُ بِرِقِّهِ وَالْعِدَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ وَكَانَ مَا رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ هَذَا لَمْ نَجِدْ لَهُ عَلَيْهِ مُوَافِقًا مِنْ الصَّحَابَةِ, وَلاَ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ, ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مِنْ نَاحِيَةِ الْمَدَنِيَّيْنِ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ أَيْضًا مِنْ نَاحِيَةِ الْكُوفِيِّينَ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد عَنْ شُعْبَةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ سَمِعْت عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ, ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَيَطَؤُهَا؟ فَأَبَى ذَلِكَ. ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى طَلَبِ الأَوْلَى مِنْ الطَّلاَقِ الَّذِي جَعَلَهُ عُمَرُ وَعَلِيٌّ عَلَى حُكْمِ النِّسَاءِ الْمُطَلَّقَاتِ وَجَعَلَهُ عُثْمَانُ وَزَيْدٌ عَلَى حُكْمِ الرِّجَالِ الْمُطَلَّقِينَ فَوَجَدْنَا الْحُرَّ قَدْ أُبِيحَ لَهُ تَزْوِيجُ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَجُعِلَ لَهُ مِنْ الطَّلاَقِ فِيهِنَّ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ تَطْلِيقَةً وَوَجَدْنَا الْمَمْلُوكَ قَدْ أُبِيحَ لَهُ تَزْوِيجُ اثْنَتَيْنِ لاَ أَكْثَرَ مِنْهُمَا. فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ إذَا كَانَ فِي عَدَدِ النِّسَاءِ عَلَى النِّصْفِ مِمَّا عَلَيْهِ الْحُرُّ فِي عَدَدِهِنَّ أَنْ يَكُونَ فِي طَلاَقِهِنَّ نِّصْفُ مَا عَلَيْهِ الْحُرُّ فِي ذَلِكَ, فَيَكُونُ طَلاَقُهُ لَهُمَا سِتَّ تَطْلِيقَاتٍ فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما فِيهِ. وَلَقَدْ كَلَّمْت أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ, وَتَقَلَّدْت عَلَيْهِ قَوْلَ عُثْمَانَ وَزَيْدٍ فِيهِ فَقُلْت لَهُ: أَلَيْسَ الطَّلاَقُ قَدْ وَجَدْتَهُ يَكُونُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْعِدَّةُ وَجَدْتَهَا تَكُونُ مِنْ الْمَرْأَةِ؟ فَمَعْقُولٌ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا يَكُونُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَرْجُوعٌ فِيهِ إلَى حُكْمِهِ فَقَالَ لِي كِتَابُ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، يَدْفَعُ مَا قُلْت; لأَنَّ اللَّهَ، تَعَالَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ الْبَصْرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ ابْنَةِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تُحِدُّ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا, وَلاَ تَلْبَسُ ثَوْبًا مُعَصْفَرًا إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ, وَلاَ تَكْتَحِلُ, وَلاَ تَمَسُّ طِيبًا إِلاَّ نُبْذَاتٍ مِنْ قُسْطٍ, وَأَظْفَارٍ. فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْحَادَّ لاَ تَلْبَسُ ثَوْبًا مُعَصْفَرًا وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْعُصْفُرَ مِنْ الطِّيبِ فَقَالَ قَائِلٌ: لَمْ تُنْهَ عَنْ ذَلِكَ; لأَنَّهُ مِنْ الطِّيبِ, وَلَكِنَّهَا نُهِيَتْ عَنْهُ; لأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ إنَّمَا نُهِيَتْ عَنْهُ; أَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ كَمَا ذُكِرَ لَنُهِيَتْ عَنْ الثَّوْبِ الْعَصْبِ; لأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ فَوْقَ الثَّوْبِ الْمُعَصْفَرِ, وَفِي إطْلاَقِ الثَّوْبِ الْعَصْبِ لَهَا فِي إحْدَادِهَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الثَّوْبِ الْمُعَصْفَرِ لَهَا لَمْ يَكُنْ; لأَنَّهُ زِينَةٌ, وَلَكِنَّهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ وَهُوَ; لأَنَّهُ مَصْبُوغٌ بِطِيبٍ, وَهُوَ الْعُصْفُرُ. وَفِي هَذَا مَا قَدْ شَدَّ مَذْهَبَ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ فِي الْعُصْفُرِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فِي الإِحْرَامِ وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إلَى ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَبُو حَنِيفَةَ, وَأَصْحَابُهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
|